الإمام الصادق علیه السلام : لو أدرکته لخدمته أیّام حیاتی.
ما هو الهدف من وراء خلق الإنسان؟

ما هو الهدف من وراء خلق الإنسان؟

كما قلنا سالفاً فلابد للإنسان أن يكون له هدف في الحياة والعمل للوصول إليه بشتى الطرق والوسائل الممكنة، ولهذا عليه أن ينتخب أفضلها وأكثرها سموّاً ورفعةً.

ولا شك ولا ريب فإنّ التعرّف على الهدف من الخلقة الإنسانية يكون مرتعاً خصباً للانفتاح على الكثير من الحقائق‏ ويعتبر العنصر الفعال والمؤثر فى إرشاد الإنسان والذروة العليا في الوعي والعمق الفكري.

قال البارئ عزّ وجلّ في محكم كتابه العزيز:

«وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونَ».(36)

وقد ذكر صاحب «تفسير نور الثقلين» في ذيل هذه الآية الشريفة رواية واردة عن الإمام الصادق‏ عليه السلام قال فيها:

قالَ: خَرَجَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلى أَصْحابِهِ فَقالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّوَجَلَّ ذِكْرُهُ، ما خَلَقَ الْعِبادَ إِلاَّ لِيَعْرِفُوهُ، فَإِذاعَرَفُوهُ عَبَدُوهُ، فَإِذا عَبَدُوُه اِسْتَغْنَوْا بِعِبادَتِهِ عَنْ عِبادَةِ مَنْ سِواهُ، فَقالَ لَهُ رَجُلٌ: يَابْنَ رَسوُلِ اللَّهِ ؛ بِأَبي أَنْتَ وَاُمّي‏ فَما مَعْرِفَةُ اللَّهِ؟

قالَ: مَعْرِفَةُ أَهْلِ كُلِّ زَمانٍ إِمامَهُمْ الَّذي تَجِبُ عَلَيْهِمْ طاعَتُهُ.(37)

ونظراً للآية الشريفة والرواية التي ذكرناها يتضح لنا أنّ الهدف من وراء خلق الإنس والجنّ هو الوصول إلى مقام ‏العبودية المطلقة ولا غرو، فإنّ هذا الأمر لايتحقّق من دون معرفة اللَّه تبارك وتعالى، وتشكل تلك المعرفة حلقة الوصل‏ في معرفة مقام مولانا صاحب العصر والزمان عجّل اللَّه تعالى فرجه.

إذن فإنّ الوظيفة الشرعية والدينية اطلقاة على عاتقنا في هذا الوقت والزمان بالنسبة إلى الإمام بقية اللَّه الأعظم أرواحنا  لمقدمه الفداء هي معرفته ووضع خدمته والعمل من أجل ظهوره ونصرته في مقدمة الأعمال التي يجب أن نقوم بها في حياتنا؛ باعتبار أنّ الإمام الصادق‏ عليه السلام شخصّ هذا الأمر في حديث عجيب وحدّد فيه وظيفة محبي وعشاق مقام الولاية بقوله:

لَوْ أَدْرَكْتُهُ لَخَدَمْتُهُ أَيَّامَ حَياتي.(38)

ويمكن ومن خلال الإستفادة من المواضيع السابقة الوصول إلى حقيقة وهي إمكانيّة خدمة الإمام بشكل أفضل ونيل ‏الحظوة من ألطافه المقدّسة غير المتناهية وشرف اتّباعه، وذلك عبّر حالة الوصول إلى مقام العبودية وكسب العلوم ‏والمعارف الإلهية.

نعم ؛ إنّ خدمة الدين والإمام وحجة اللَّه في أرضه وسمائه في كلّ زمان ومكان كان هو طريق من نال مقام العبودية وتناغم‏ مع روحه وعقله، فنرى سلمان وأباذر والمقداد وأمثالهم قد أوقفوا وجودهم المبارك وحياتهم كلها في سبيل خدمة أهل‏ البيت‏ عليهم السلام، وقد شقوا مسيرتهم وطريقهم ذلك عبر جبال هائلة من التضحيات والمشاكل والعقبات بعد أن وصلوا إلى مقام ‏العبودية للَّه تبارك وتعالى، وكان همهم الأول والأخير هو كسب التوفيقات أكثر فأكثر في هذا الطريق.

فمن يغتر بالدنيا فإني

لبست بها فأبليت الثيابَا

جنيت بأرضها ورداً وشوكاً

وذقت بكأسها شهداً وصابا

وما نيل المطالب بالتمني

ولكن تؤخذ الدنيا غلابا


36) الذّاريات: 56.  

37) تفسير نورالثقلين: 122/5.

38) بحار الأنوار: 148/51.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

    زيارة : 2679
    اليوم : 63010
    الامس : 116876
    مجموع الکل للزائرین : 134181275
    مجموع الکل للزائرین : 92814889