حوادث مهمّة
عن المرحوم السيّد بحرالعلوم
لا شكّ في أنّ المرحوم السيّد بحرالعلوم هو نموذج بارز وشاخص لهكذا أشخاص ، فقد كان هذا العالم الجليل يرى وقائع وحوادث يعجز الآخرون عن رؤيتها ، ونتطرّق هنا إلى ذكر بعض من محطات حياته الكريمة ، لأخذ النتيجة النهائيّة من هذا البحث :
ينقل المحدّث النوري رحمه الله في كتاب «دار السلام» عن المرحوم الشيخ تقي ملاّ كتاب الّذي كان أحد طلبة المرحوم آية اللَّه السيّد بحر العلوم قصّة فيقول :
كنت مع السيّد أعلى اللَّه مقامه في أحد أسفاره ، فحّطت القافلة الّتي كنّا فيها في أحد الخانات فنزلنا في طرف من أطرافه ، فجاء رجل يسافر بمفرده وحطّ في الطرف المقابل لنا ، ولما شاهد السيّد الرجل طلبه .
فجاء وقبّل يد السيّد وجلس بالقرب منه ، ثمّ بعد ذلك شرع السيّد بالسّؤال عن الرّجال والنّساء فرداً فرداً والرجل يجيبه قائلاً : إنّ الجميع بصحّة وعافية .
ولمّا ذهب الرجل بدت عليّ علامات التّعجّب ، فسألت السيّد قائلاً : إنّ مظهر الرّجل الخارجي يوحي أنّه ليس من أهل العراق .
فأجاب السيّد : نعم ؛ إنّه من أهل اليمن .
فأستغربت أكثر ، فقلت : يا سيّدنا ؛ إنّك لم تذهب إلى اليمن قطّ ، فمن أين لك معرفة أهلها ؟
فتأمّل السيّد قليلاً قبل الإجابة على السّؤال ، بعدها قال : سبحان اللَّه ؛ ما أعجبك إنّني إذا سُألت عمّن في الأرض جميعاً لعرفتهم .
يعلّق المحدّث النوري رحمه الله فيقول : إنّ ما يعاضد مقولة السيّد هذه هي معرفته بالأماكن الّتي تمّ إعادة بنائها وإصلاحها ، مثل : مسجد الكوفة ، مسجد الحنّانة ، مرقد الصّحابي الجليل كميل بن زياد رحمه الله ، مكان آخر ينسب إلى الإمام أمير المؤمنين عليه السلام وقبر النّبيّ هود وصالح عليهما السلام ، ولولاه لاندثرت وضاعت معالمها وطمست .
والجدير بالإهتمام فقد كان جميع علماء عصره يمتثلون لأوامره وإطاعته بكلّ شيء يقوله ، ولم يشكل عليه أحد .
ومن اعماله فقد كان هناك قبران لنبيّ اللَّه هود وصالح عليهما السلام في «وادي السّلام»، إعتادهما النّاس ، وهما موجودان منذ زمن طويل، فقال السيّد: هذا ليس قبرهما . فهدمهما أمام أنظار الجميع ، وغيّر محلّ بنائهما ، وهو في وقتنا الحاضر المزار الأصلي لزيارة النّاس .(15)
جاء في كتاب «تاريخ الكوفة» : إنّ العلاّمة الكبير حجّة الحقّ السيّد محمّد مهدي النّجفي المشهور بالسيّد بحر العلوم قدس سره . له آثار خالدة وباقية من جملتها : المقامات المقدّسة في مسجد الكوفة والّتي بقيت مجهولة وغير معروفة عند النّاس ، وكان عددها قليلاً لايعرفها أحد إلاّ الّذين لهم البصيرة في الدّين وعددهم قليل جدّاً .
فأخذ السيّد رحمه الله على عاتقه مسؤوليّة تشخيص وتعيين تلك المقامات ، وبنى عليها علائم ومحاريب ، ووضع عموداً صخريّاً في محراب النّبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم لأجل تعيين القبلة ، وهذا الشاخص يعرف اليوم بإسم «الرخامة» .(16)
ومن جملة آثار السيّد رحمه الله أنّ هناك مكاناً مخصوصاً في مسجد السّهلة للإمام المهدي عجّل اللَّه تعالى فرجه كان النّاس يجهلونه ، فأمر السيّد ببناء قبّة عليه ليصبح مزاراً عظيماً . بالطبّع فإنّ عمله هذا ليس من الخوارق ؛ لأنّه كان عارفاً ومطّلعاً ببصيرته على هذا الأمر .(17)
عندما جاء العلاّمة الكبير شيخ العراقَين (الكوفة و البصرة) الشيخ عبد الحسين الطهراني قدس سره إلى العراق لزيارة العتبات المقدّسة والإقدام على بنائها ، فأوّل شيء أراد البحث عنه هو قبر المختار رحمه الله .
فأخذ البحث في أطراف مسجد الكوفة ، وكانت العلامة الّتي لديه هو أنّ قبر المختار رحمه الله واقع في الصحن الشريف لمسلم بن عقيل عليه السلام وملاصق إلى الجامع الكبير ، ويقع في تلّة مرتفعة أمام قبر هاني بن عروة رضى الله عنه ، ولهذا بدأ بالحفر من هناك فظهرت آثار حمام فيه ، ولهذا تيقّن أنّه ليس المكان الّذي فيه قبر المختار . ولكن بقي الشيخ يبحث عنه لكن بدون جدوى ، إلى أن قال له العلاّمة الكبير السيّد رضا بن آية اللَّه السيّد بحر العلوم رحمه الله :
إنّني كنت أشاهد والدي عندما كان يمرّ من الجانب الشرقي بالقرب من الحائط الواقع أمام مسجد الكوفة (المكان الّذي مزار المختار) يقول : نقرأ سورة الفاتحة للمختار رحمه الله ويقرأ .
فأمر الشّيخ بالحفر في ذلك المكان ، فظهر حجر كتب عليه : «هذا قبر المختار بن أبي عبيدة الثّقفي» ، وتبيّن أنّ قبر المختار في هذا المكان .(18) (19)
15) كلزار أكبري : 358 .
16) تاريخ الكوفة : 72 .
17) تاريخ الكوفة : 73 .
18) تاريخ الكوفة : 112 .
19) إنّ السّبب وراء تلك الأمور غير الطبيعيّة الّتي كانت تشاهد عند المرحوم السيّد بحر العلوم ، جاءت نتيجة التّحوّل الحاصل من أثر تشرّفه بلقاء صاحب العصر والزّمان عجّل اللَّه تعالى فرجه . ففي ذلك اللّقاء حضن الإمام أرواحنا فداه السيّد وأخذه بأحضانه الأبويّة ، فتولّدت تلك الحالات العظيمة فيه .
غير أنّ المرحوم المحدّث النّوري (ينقل غير ذلك) يقول : حدث بعض الثّقات : إنّ المرحوم قال : حصلت هذا المكاشفات بسبب تناولي ذلك الأكل القليل الباقي من صحن خمسة أهل الكساء صلوات اللَّه عليهم أجمعين .
وبنى السيّد ذلك من خلال الرّؤية الّتي شاهدها وخلاصتها : إنّني رأيت هؤلاء الأطهار عليهم السلام في المنام ، وشاهدت أمامهم صحناً فيه حساء يحوي جميع الحبوبات ، فدخلت وسلّمت وبعد ردّهم السّلام قالت جدّتي : ولدي مهدي ؛ هل لك رغبة في تناول هذا الحساء ؟
فقلت : بلى ؛ فقربت الصّحن ووضعته أمامي فلم أشاهد شئياً فيه ، فجمعت بقيّة الأكل الموجود فيه وأكلته ، والّذي تشاهدوه منّي عائد لذلك الموضوع . (كلزار أكبري : 358)
بازديد امروز : 14455
بازديد ديروز : 49573
بازديد کل : 133200804
|