البنت المضطرّة

في ضريح أبي الفضل العبّاس عليه السلام

من الأمور الأكيدة والمجرّبة هي أنّ التوسل بأهل البيت صلوات اللَّه عليهم أجمعين ‏يؤتي أكله ولها آثار سريعة وآنية في حالات الاضطرار والإنقطاع، ولهذا نرى‏ أنّ أتباعهم ومحبّيهم يلجأون إليهم في الشدائد، فيحصل على مرادهم، وإليك م‏ن موذجاً في هذا الخصوص:

يقول أحد علماء قم الكبار: تشرفت في أحد الأيّام بزيارة ضريح مولانا أبي‏ الفضل العباس‏ عليه السلام، فجأة جاءت مجموعة من الأعراب ومعهم فتاة مضطربة لاتدري ماذا تعمل، فدخلوا الحرم الشريف مامتلأ بالجموع الغفيرة التي أرادت‏أن تعرف القصة.

فأمسكت تلك الفتاة بشبّاك الضريح وقالت بصوت عالٍ كلمات جريئة جلبت أنظار كلّ من كان هناك، وفي لحظة سكتت وسكت الجميع وكأنّ على‏ رؤوسهم الطير، فانقطعت الأنفاس، فعلا صوت وسمعه الجميع وإذا بالجنين ‏الذي في بطن تلك الفتاة ينطق ويقول «أبي زوج اُمّي» وهنا تعالت الهلاهل‏ وهجمت النساء على تلك الفتاة للتبرك، وقام عدد منهنّ بتخليصها من بين ‏أيديهم والذهاب بها إلى غرفة الكليدار.

وبعد مدّة من الزمن هدئت الاُمور وتفرقت الناس عندها ذهبت إلى‏ الكليدار؛ لأنّه تربطني به علاقة وطية، فسألته عن قصّة تلك الفتاة، فقال: تنتسب تلك الفتاة إلى عشيرة من الأعراب تعيش في الصحراء أطراف مدينة كربلاء، فتمّ عقد قرانها من ابن عمّها كما هي العادة الجارية في العراق، وبما أنّ ‏العرف الذي كان سائداً عند هؤلاء هو قباحة وجود العلاقة بين العروسين في‏ زمن العقد، ولكن ذلك الشباب كان يأتي إلى زوجته ويمارس حقّه الطبيعي‏ كزوج، وبعد مدّة من الزمن حملت الفتاة فهرب الزوج واختفى عن الأنظار حتّى ظهر حملها فاجتمع الأهل والأقرباء فسألوها عن سبب حملها، فقالت: إنّ حملي هو من زوجي، فجرى البحث عن ذلك الشباب فوجدوه فحققّوا معه ‏فأخذ ينكر فعلته خوفاً منهم.

فأتّخذ أهل الفتاة قراراً بقتل الفتاة للخلاص من عارها، فأخذت تتوسل‏ بهم، ولكن من دون جدوى، فقالت لهم: خذوني عند سيّدنا أبي الفضل ‏العبّاس‏ عليه السلام هو الّذي يحكم، وبالفعل فقد جيته بها إلى الضريح الشريف وثبتت‏ طهارتها من خلال نطق الجنين في بطنها.(149)

هذه إحدى المعاجز من آلاف المعاجز التي ظهرت نتيجة عناية وألطاف‏ أهل الوحي والرسالة عليهم آلاف التحية والسلام.

---

149) جامع الدرر: 408/2.