الإعتياد بعصر الغيبة !
وجواب كلّ هذه الأسئلة هو أنّنا قد إعتدنا بعصر الغيبة وظلمتها والظلم فيها ! فصرنا مجذوبين إلى الظلم والظلمة ومعتادين به ، لأنّ للعادة قدرة قويّة تجذب الإنسان من غير قصد إلى المحاسن أو المساوي .
إعتياد الإنسان بأيّ شيء كان يجرّه إليه كفطرته وطبيعته بحيث كأنّه لا إرادة له على خلافه وقد جعل اللَّه تعالى هذه القدرة في العادة حتّى تجرّ الإنسان إلى المحاسن بغير قصد ومشقّة ويجتنب عن أعمال السوء ، ولهذه الجهة عدّ الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام العادة طبيعة ثانية للإنسان وقال :
العادة طبع ثانٍ .(1)
هذه الجملة مع اختصارها تشتمل على حقائق مهمّة ؛ وبناءاً على ما قاله عليه السلام كما أنّ الإنسان يتحرّك لمقتضياته الفطريّة الطبيعيّة كذلك يتحرّك على ما اعتاد عليه .
فعلى الإنسان أن يستفيد من هذه القدرة العظيمة في الأهداف الصحيحة العالية ويجتنب أن يلوّث نفسه بالعادات السيّئة .
مع الأسف إنّ مجتمع العالميّة لعدم وجود القيادة الصحيحة وعدم القدرة على سوق المجتمع نحو الفضائل الأخلاقيّة والخصال العالية الإنسانيّة ، قد صار معتاداً بعادات غير صحيحة شخصيّة واجتماعيّة .
وللعادات الإجتماعيّة قدرة أكثر من العادات الشخصيّة بحيث تقدر أن تجرّ الإنسان بسهولة إلى ما اعتاد المجتمع عليه .
ومن العادات السيّئة الإجتماعيّة الّتي قد ابتلى المجتمع بها وصار أسيراً في قيودها ، هي الإعتياد بما يجري على الناس والصبر عليه بحيث لايتفكّر في المستقبل ولايتأمّل في المنجى الجائي !
مع أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم وكذا أهل بيته عليهم السلام ببياناتهم حول مسألة «الإنتظار» وتشويق الناس إليها قد أعلنوا أنّه لايصحّ التحرّق والصبر عليها وببياناتهم ساقوا الناس إلى المستقبل المشرق .
ومع الأسف إنّ الّذين كانت وظيفتهم أن يبيّنوا هذه المسألة للناس قد قصّروا في وظيفتهم ولم يسعوا في الوصول إلى المستقبل المشرق ، فدام عصر الغيبة هكذا !
و إلى الآن نجد أنّ أكثريّة أفراد المجتمع معتادون على الغفلة عن ظهور وليّ اللَّه الأعظم أرواحنا فداه وورثوها - بدليل قانون الوراثة - عن أعقابهم وفي النتيجة فمجتمعنا متوقّف عن الحركة إلى الدرجات العالية ؛ مع أنّ الإنسان إذا ترك عاداته الغير الصحيحة وتحلّى بالخصال الإنسانيّة يرتقى إلى الدرجات العالية .
قال مولانا أميرالمؤمنين عليه السلام :
بغلبة العادات الوصول إلى أشرف المقامات .(2)
فلابدّ لمجتمعنا أن يعيش في حالة الإنتظار والدعاء لظهور منجى العالم مولانا صاحب الأمر عجّل اللَّه فرجه ويترك عادته القديمة وهي الغفلة عن وجود ظلمة عصر الغيبة ! ويدعو - من أعماق وجوده - اللَّه تعالى أن يعجّل في ظهور الحكومة العادلة المهدويّة .
1) شرح غرر الحكم : 185/1 .
2) شرح غرر الحكم : 229/3 .
بازديد امروز : 7170
بازديد ديروز : 152531
بازديد کل : 138777160
|