اليقين وآثاره العجيبة
لمّا كان اليقين من المسائل الأساسيّة المهمّة ، لذلك نستمرّ في البحث عنه ونذكر لهذه المسألة مقدّمة مختصرة :
إنّ كثيراً من الّذين يسعون في السير والسلوك ويجتهدون في الطرق المعنويّة ، يتفحّصون عن الاُمور الموجودة في أنفسهم الّتي هي الموانع لترقّيهم ويسعون لفهم العوامل الباعثة لتوقّفهم ، بل الموجبة لحالة التسافل الروحي .
ما هي العوامل الّتي توجب التوقّف أو التسافل ؟ وكيف يعرفها الإنسان ؟ وأهمّ من ذلك : كيف يمكن له رفعها ؟
هذه أسئلة مهمّة قد يتّفق لكثير من الّذين يجتهدون في الاُمور المعنويّة ولايعلمون كيف يمكن لهم حلّ مشكلهم ، وكيف يمكن تحصيل الجواب لأسئلتهم ؟ وفي عقيب الأسئلة المذكورة قد يبرز للإنسان سئوال أهمّ منها بحيث يحلّ العلم بجوابه الكثير من المشكلات السابقة وهو :
هل يلزم للسير والسلوك في طريق عالم المعنى أن يعرف السالك موانع طريقه ؟ هل لابدّ له أن يعرف الاُمور الّتي توجب توقّفه بل تنزّله في بعض الأزمنة حتّى يجتهد في رفعها ؟ أم يوجد طريق يوجب السير فيه رفع الموانع وإن لم يعرفها ؟ هل يوجد شيء يهدم أثر السموم - من أيّ نوع كان السمّ - ؟
إن وجد هذا الشيء الّذي هو علاج لجميع الأمراض ورافع أثر كلّ السموم فلابدّ للإنسان بذل الجهد في تحصيله . فلا يحتاج بعد ذلك إلى معرفة نوع السمّ الّذي قد ابتلى به .
من الأعاظم مَن يعتقد بوجود طرق قد يتمكّن للإنسان بمعرفتها أن يسير في ليلة واحدة مسيرة مائة عام ! ويعتقد بوجود عوامل تمكّن السالك من إزالة الموانع - و إن لم يعرفها - حتّى يصل إلى المقصود .
لقد عدّ المحدّث النوري اليقين من هذا القبيل واعتقد أنّ اليقين لشدّة تأثيره، يرفع الموانع وآثارها بدون لزوم معرفة جزئيّات الموانع ويسبّب المقتضي لتعالى الإنسان .
قال : من أراد أن يخلص نفسه عن جملة الصفات الذميمة وتزيينها بمحمود الخصال المرضيّة من غير تعب في تحصيل معرفة جزئيّات الأمراض وعلاجها ومنافع أضدادها وثمراتها ؛ فعليه بتحصيل نور اليقين الّذي إذا تحلّى به القلب يطهّره من جميع الأدناس قهراً ، ويشرق عليه نور تلك الخصال طرّاً ، وبدونه لاينفع رفع مرض ولايمكن جلب خصلة ؛ ولذا ترى الأخبار متواترة في جعلها جميعاً من ثمراته .(1)
ولكنّه قال المحدّث النوري بعد كلامه هذا : بأنّ امتداد اليد على شوك المغيلان أسهل من الوصول إلى اليقين ولكن من وصل إلى اليقين يتنوّر قلبه وترتفع الموانع أو يرتفع أثرها .
ونحن نكتفي بهذا المقدار من الكلام ، و من شاء أن يعلم حول اليقين زيادة على ما قلنا فليرجع إلى باب اليقين من المجلّد الأوّل من كتابنا أسرار النجاح .
1) دار السلام : 150/3 .
بازديد امروز : 10595
بازديد ديروز : 152531
بازديد کل : 138780585
|