في ضرورة الدعاء، عقلاً ونقلاً
قبل الورود في بيان آداب الدعاء وشرائطه ، نذكر أنّ العقل والنقل يدلّان على الحثّ عليه:
«أمّا العقل : فلأنّ دفع الضرر عن النفس مع القدرة عليه والتمكّن منه واجب ، وحصول الضرر ضروري الوقوع لكلّ إنسان في دار الدنيا ، إذ كلّ إنسان لاينفكّ عمّا يشوّش نفسه ويشغل عقله ويضرّ به ، إمّا من داخل كحصول عارض يغشى مزاجه ، أو من خارج كأذيّة ظالم ، أو مكروه يناله من خليط أو جار ، ولو خلا من الكل بالفعل فالعقل يجوز وقوعه فيها واعتلاقه بها.
كيف لا ؟ وهو في دار الحوادث الّتي لاتستقرّ على حال ففجايعها لاينفكّ عنها آدميّ إمّا بالفعل أو بالقوّة ، فضررها إمّا حاصل واقع أو متوقّع الحصول ، وكلاهما يجب إزالته مع القدرة عليه والدعاء محصِّل لذلك وهو مقدور فيجب المصير إليه .
وقد نبّه أميرالمؤمنين وسيّد الوصيّين صلوات اللَّه عليه وآله على هذا المعنى حيث قال :
ما من أحد ابتلي وإن عظمت بلواه بأحق بالدعاء من المعافي الّذي لايأمن من البلاء.(1)
وقد ظهر من «النقل» : احتياج كلّ أحد إلى الدعاء معافاً ومبتلى ، وفايدته رفع البلاء الحاصل ودفع السوء النازل ، أو جلب نفع مقصود أو تقرير خير موجود ودوامه ومنعه من الزوال ، لأنّهم عليهم السلام وصفوه بكونه سلاحاً ، والسلاح ممّا يستجلب (يجلب) به النفع ويستدفع به الضرر وسمّوه أيضاً ترساً ، والترس : جنّة يتوقّى بها من المكاره .
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم :
ألا أدلّكم على سلاح ينجيكم من أعدائكم ويدرّ أرزاقكم ؟
قالوا : بلى يا رسول اللَّه .
قال : تدعون ربّكم بالليل والنّهار ، فإنّ سلاح المؤمن الدعاء .(2)
وقال أميرالمؤمنين عليه السلام :
الدعاء ترس المؤمن ، ومتى تكثر قرع الباب يفتح لك .(3)
وقال الإمام الصادق عليه السلام :
الدعاء أنفذ من السنان الحديد .(4)
وقال الإمام الكاظم عليه السلام :
إنّ الدعاء يردّ ما قدّر وما لم يقدّر .
قال : قلت : وما قد قدّر فقد عرفته ، فما لم يقدّر ؟
قال : حتّى لايكون .(5)
وقال عليه السلام :
عليكم بالدعاء ، فإنّ الدعاء والطلب إلى اللَّه تعالى يردّ البلاء ، وقد قدّر وقضى فلم يبق إلّا إمضائه فإذا دعى اللَّه وسئل صرْفه صرَفه.(6)
وروى زرارة عن الإمام الباقر عليه السلام قال :
ألا أدلّكم على شيء لم يستثن فيه رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم ؟ قلت : بلى.
قال : الدعاء يردّ القضاء وقد أبرم إبراماً ، وضمّ أصابعه.(7)
وعن الإمام سيّد العابدين عليه السلام :
إنّ الدعاء والبلاء ليتوافقان إلى يوم القيامة ، إنّ الدعاء ليردّ البلاء وقد اُبرم إبراماً.(8)
وعنه عليه السلام :
الدعاء يردّ البلاء النازل وما لم ينزل .»(9)
1) البحار : 380/93 .
2) الكافي : 468/2 .
3) الكافي : 468/2 .
4) الكافي : 469/2 .
5) الكافي : 469/2 .
6) الكافي : 470/2 .
7) الكافي : 470/2 .
8) الكافي : 469/2 .
9) عدّة الداعي : 11 .
بازديد امروز : 6681
بازديد ديروز : 152531
بازديد کل : 138776672
|